السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا في الحقيقة أعاني من مشكلة، ألا وهي الخروج من البيت، والوالد لا يسمح لي بالخروج من البيت، وأنا طالب في المرحلة الجامعيَّة، ولا يشتري لي سيارة، ومستأجر لي سواق، قلت له: أرغب في الدِّراسة في الجبيل، رفض، وقال: ابق عندي، حتَّى لو لم تقبلك الجامعة التي بالمنطقة، أنا مستعد أصرف عليك، المهم أن تبق بجانبي، وأنا تعبت نفسيًّا، لا أستطيع تحمُّله، زملائي يقولون لي: اخرج معنا، فأرفض، أو أصرفهم، أو أكذب عليهم، أرجوكم أرشدوني.
الجواب:
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه.
ألخِّصُ لك- أخي الفاضل- جواب استشارتك في النِّقاط الآتية:
أولًا: أشكرك على ثقتك، بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله- عزَّ وجلَّ- أن يجعلنا أهلًا لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظًّا لمخلوق..آمين.
ثانيًا: أنت تذكر- أخي الحبيب- أنَّ أباك يمنعك من الخروج من المنزل، ويريدك دائمًا إلى جانبه، ولا يشتري لك سيارة، ومستأجر لك سائق يوصلك إلى مكان دراستك، ولا يوافق لك على إتمام دراستك في مدينة الجبيل، وبسبب إلحاح زملائك عليك بالخروج معهم، تضر لتصريفهم ولو بالكذب، لتخرج من إحراجاتهم لك..
ثالثًا: لا تقلق كلُّ مشكلة ولها حلٌّ.
فأبوك متعلِّق بك، إمَّا لحبِّه المفرط لك، وإمَّا لحرصه الشَّديد عليك، وإمَّا لكونه بحاجة ماسَّة لخدمتك له، فإن كانت الأولى والثَّانية فحاول أن تقنعه، وتلطَّف معه، وإياك وغضبه عليك، فثمَّ شقاء الدُّنيا، وتعاسة الآخرة، وإن كانت الثَّالثة فالزم قدميه، واترك كلَّ شيء في سبيل خدمة أبيك، خاصَّة وكونه بحاجة لخدمتك له، كأن يكون مريضًا ويحتاج لخدمة ورعاية..
رابعًا: لكلِّ إنسان مفتاح، فابحث عن مفتاح أبيك.
استعن على إقناع والدك بموضوع مواصلة دراستك، بأمِّك وإخوتك الأكبر منك سنًّا، وكذلك بأقاربك كجدِّك وأعمامك، وكذلك اعرض الأمر على أصدقاء والدك، والذين لهم تأثير على والدك، فكلُّ هؤلاء روافد لك تعينك في إقناع والدك، واستلال موافقته بكلِّ رفق وهدوء وبرٍّ.
خامسًا: المهمُّ أن تُقضى حاجتك.
عدم شراء سيَّارة خاصَّة لك، وإصرار والدك على ذلك، تقبَّلْه بصدر رحب، وما دمت تذهب لدراستك وتعود، فحاجتك مقضيَّة، وأنت أمير لك سائق يأخذك ويُرجعك، وأنت مرتاح من عناء قيادة السَّيَّارة، فلا تلح كثيرًا على والدك في هذا الخصوص، ولكن حاول بهدوء، وفي وقت يكون فيه والدك رائق ومرتاح، يمكنك اختيار الزَّمان والمكان والحالة لتطلب منه شراء سيَّارة لك..
سادسًا: الصِّدق منجاة، والكذب مهواة.
قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إيَّاكم والكذب؛ فإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يهدي إلى النَّار، وإنَّ الرجل ليكذب، ويتحرَّى الكذب، حتَّى يكتب عند الله كذَّابًا»، فكذبك على زملائك لتصرِّفهم، فأنت ترضيهم وتغضب ربَّك، ومن أرضى النَّاس بسخط الله، سخط الله عليه، وأسخط عليه النَّاس، فكن واضحًا وصريحًا، قل لهم وبكلِّ فخر واعتزاز: لا أستطيع الخروج معكم، بسبب قيامي بخدمة والدي، وهو يرغب بأن أكون لجواره، واعتذر لهم بهدوء واحترام، وأنت في نعمة عظيمة، ألا وهي أنَّ لك أبًا يحرص عليك، ويحافظ عليك، وهناك ممن هم في سنِّك، إمَّا أن يكون آباؤهم ميتين، أو أحياء ولكنَّهم غافلون عن تربية أبنائهم ورعايتهم.
سابعًا: ذلُّك بين يدي والديك عزٌّ.
أخي الفاضل: الذلُّ في ثلاثة مواطن عزٌّ:
1- ذلُّ العبد بين يدي ربِّه.
2- وذلُّه بين يدي والديه.
3- وذلُّه بين يدي شيخه ومعلِّمه.
وأنت مهما شعرت بذلٍّ وإحباط، بسبب وقوف والدك أمام رغباتك وطموحاتك وتطلُّعاتك، تعامل مع الله في طاعتك لوالدك، وسماعك لكلامه، وإطاعتك لأوامره، فإنَّك تزداد رفعة عند ربِّك، وتكبر في أعين زملائك، وجميع من يرى برَّك بأبيك وأمِّك، ولا تنس اللُّجوء إلى الله، والابتهال له بالدُّعاء، والتَّضرُّع إليه أن يعينك على البرِّ بوالديك، وأن يتقبَّل ذلك منك، وأن يسدِّدك في أقوالك وأفعالك.
الكاتب: سعد العثمان.
المصدر: موقع المسلم.